ذهبت سنتان من المفاوضات بين فرنسا وأستراليا أدراج الرياح، حين أعلن الرئيس الأسترالي سكوت موريسون انسحاب بلاده من “عقد القرن” الذي التزمت به فرنسا بتجديد أسطول الغواصات الأسترالية، عبر منحها 12 غواصة هجومية تقليدية، مقابل 56 مليار يورو.
وأعلن موريسون في المقابل اتفاقه مع الولايات المتحدة وبريطانيا بتزويده بغواصات الدفع النووي الأمريكية، وذلك في إطار شراكة “أوكوس” الأمنية والاستراتيجية الجديدة. فاهتزت في الأثناء الدوائر المسؤولة في فرنسا والقطاع العسكري والتجاري.
وفي الوقت الذي أشادت فيه واشنطن بالاتفاق الأمني الجديد الذي تسعى عبره إلى توسيع تحالفاتها وتحديثها في المنطقة لمواجهة التهديد الصيني، عبّرت باريس عن استيائها وغضبها مما وصفته بأنه “طعنة في الظهر” وقرار “على طريقة ترمب”. وأفصح الاتحاد الأوروبي عن تفاجئه بهذه الخطوة.
تراجع دور فرنسا والاتحاد الأوروبي
بينما لا تزال فرنسا والاتحاد الأوروبي يناقشان خطوة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، التي لم تطلعهم واشنطن على كواليسها، تفاجأت باريس بتخلي كانبيرا عنها لصالح واشنطن، وذلك عبر نسف اتفاق الغواصات المبرم بينهما منذ سنوات.
وإن كان القرار ضربة موجعة لفرنسا، فإنه في الوقت ذاته ضربة للاتحاد الأوروبي كما يرى مراقبون.
وقد جاء الإعلان المفاجئ بعد ساعات قليلة من إلقاء رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، خطابها السنوي أمام مشرعي الكتلة، الذي شددت فيه على الحاجة إلى التركيز على تطوير “الشراكة ” و “النظام البيئي الدفاعي الأوروبي”، وذلك بدعم مصنعي الدفاع في الاتحاد الأوروبي.
ولكن يبدو أن الاتحاد الأوروبي تلقف رسالة التحالف الجديد والصفقة المعلن عنها بين أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا، بشكل مختلف قليلاً عن فرنسا. إذ أعلن الاتحاد يوم الخميس 16 سبتمبر/أيلول الجاري عن ضرورة البدء برسم استراتيجية جديدة بمنطقة المحيطين الهندي والهادي مع التركيز بشكل خاص على العمل مع الشركاء الإقليميين من أجل الأمن والدفاع.
وفي السياق ذاته صرح جوزيف بوريل، رئيس الذراع الدبلوماسية والأمنية للكتلة في بروكسيل، بأن مثل هذا القرار لن يضعف علاقة الاتحاد الأوروبي مع أستراليا، ولكنه يبرز بوضوح مدى حاجة أوروبا إلى العمل بجدية أكبر لبناء قدراتها الدفاعية المستقلة، كما أنه يجب على الأوروبيين أخذ زمام المبادرة، على حد تعبيره.