تحيي البشرية التقدمية اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني هذا العام على وقْع العملية النوعية الجريئة التي سطرها بواسل المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وتحت تأثير المثال الملهم لصمود الشعب الفلسطيني الأسطوري في مواجهة جحافل الغزاة الصهاينة، وثباته العنيد في وجه حرب الإبادة والتطهير العرقي، وتحمله شتى صنوف الشدائد والأهوال.
على مدى أيام العدوان الخمسين القاسية وما شهدته مِنْ معاناةٍ شديدة، سطر رجال المقاومة الفلسطينية ملاحم بطولية في تلقين جلاوزة العصر دروساً لن ينسوها، وكبدوهم خسائر فادحة ستبقى ماثلة في أذهانهم إلى أمدٍ طويل، وواصلوا ما شرعوا به في السابع من تشرين الأوَّل مِنْ تمريغٍ لهيبة جيش الاحتلال والعدوان، ووجهوا صفعاتٍ مدويةً لغطرسة جنوده وضباطه ولصلفهم وغرورهم.. غرورهم بفائض القوة التي ثبت أنها عاجزة عن انتزاع استسلام شعبٍ مصرٍّ على التشبث بأرضه، والتمسك بحقوقه الوطنية، مهما غلت التضحيات.
بصموده وجَلَدِه على تحمل الشدائد، انتزع الشعب الفلسطيني إعجاب العالم أجمع، ونجح في إلحاق هزيمة مدوية بماكينة الدعاية “الإسرائيلية”، والغربية المتواطئة معها والممالئة لها التي بذلت ولا تزال تبذل جهوداً حثيثة ودؤوبة لإقناع العالم بأنَّ الكيان الصهيوني يتعرض لهجوم إرهابي!
بيد أنَّ الأكاذيب وحملات التضليل، تلك، لم تفلح في ثني أنصار الحرية والتقدم والاشتراكية على امتداد العالم أجمع عن حشد مئات الآلاف من البشر خلف شعارات المطالبة بوقف العدوان الصهيوني، والتنديد بجرائم المحتلين الغزاة، والتضامن مع نضال الشعب الفلسطيني والانتصار لحقوقه الوطنية المشروعة.. بما فيها حقه في التحرير والعودة والتعويض وتقرير المصير على ترابه الوطني.
ولقد كان لحركة التضامن الأمميَّة الواسعة، أثر كبير في لجم اندفاعة الدوائر الإمبريالية وحلفائها عن مواصلة الانحياز السافر لصالح العدو، وإحداث تغيير ملموس في الرأي العام العالمي.
وإننا في ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية، إذ نعبِّر عن تقديرنا العالي لحركات التضامن العالمية مع الشعب الفلسطيني ونحيِّي مواقفها النبيلة وجهودها المخلصة، فإنَّنا نناشدها أن تواصل عملها العظيم مِنْ أجل إجبار حكوماتها على اتخاذ مواقف أكثر إنصافاً لحقوق الشعب الفلسطيني ولنضاله الوطني الباسل مِنْ أجل التَّحرُّر مِنْ براثن الاحتلال والتهويد والاستيطان، وأقلّ انحيازاً للكيان الصهيوني الغاصب الَّذي ما فتئ يتجرَّأ على ليّ عنق الوقائع الصلدة لتبرير جرائمه البشعة.. ومِنْ ضمنها أفعال التنكيل الجماعي والتصفيات الجسدية التي يمارسها يوميا في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي الوقت الذي يعبر فيه عن اعتزازه بالتلاحم الكفاحي بين الشعبين الشقيقين الأردني والفلسطيني، الذي تجسد في أبهى صوره بالمسيرات الجماهيرية الحاشدة والوقفات وشتى أشكال التعبير الشَّعبيّ، فإنَّ الائتلاف القومي اليساري يدعو أحزابه في المقام الأول، وسائر أحزاب وقوى وشخصيات الحركة الوطنية الأردنية، إلى تشديد النضال المشترك والعمل المنسَّق من أجل ما يلي:
أوَّلاً: مطالبة السلطة بالعمل الحثيث من أجل وقف العدوان على قطاع غزة، وتوظيف علاقاتها مع السلطات المصرية لفتح معبر رفح بصورة دائمة.
ثانياً: إلغاء اتفاقية وادي عربة، وقطع العلاقات مع العدو الصهيوني، وإلغاء جميع أشكال التطبيع معه.
ثالثاً: مطالبة السلطة بالاستعداد، منذ الآن، لمواجهة مخاطر تنامي العدوانية “الإسرائيلية” تجاه بلدنا وشعبنا.. الممثلة بمحاولات فرض التهجير القسري على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية باتجاه الأردن.
رابعاً: تصليب الجبهة الدَّاخليَّة بالانفتاح على أحزاب الحركة الوطنية، والتجاوب مع مطالبها المتمثِّلة في:
إحداث تغيير جدي وحقيقي وملموس في النهج السياسي والاقتصادي – الاجتماعي المعمول به، ينزع عنه الطابع التبعي، ويحرّره من الخضوع لصندوق النقد والبنك الدوليين، ويحقِّق الاعتماد الوطنيّ على الذات.. وذلك لتقوية منعة البلاد في مواجهة المخططات والاطماع المعادية، وتعزيز السيادة الوطنية.
الالتزام بالمبدأ الدستوري الَّذي ينصّ على أنَّ “الشعب مصدر السطات”، وإطلاق الحريات العامة والفردية، وخصوصاً حرية التعبير عن الرأي والموقف.
وفي الوقت الذي تحيِّي فيه أحزاب الائتلاف المبادرات الفردية والجماعية الرامية إلى مقاطعة سلع ومنتجات واستثمارات الدول والشركات التي تقيم علاقات مع مثيلاتها “الإسرائيلية”، فإنها تدعو جماهير شعبنا الأبي إلى تطوير أشكال المقاطعة وإكسابها طابعاً شعبيَّاً واسعاً وراسخاً يضمن ديمومتها.
ختاماً، يعبر ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية عن وقوف شعبنا وحركته الوطنية، ومن ضمنها الأحزاب المنضوية تحت مظلة الائتلاف، إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق ومقاومته الباسلة، كتفاً إلى كتف، في المعركة الضارية التي يخوضها مع العدو الصهيوني وحُماته من الأوساط الإمبريالية واليمينية والرجعية، ويعرب عن ثقته الأكيدة بحتمية تحقيق الانتصار في هذه المعركة.
عاش التلاحم الكفاحي بين شعبينا الشقيقين الأردني والفلسطيني..
النصر المؤزر للشعب الفلسطيني الشقيق ومقاومته الباسلة..
المجد والخلود للشهداء الأبرار، والتعاطف الصَّادق مع ذويهم..
والشفاء العاجل والكامل للجرحى.
ائتلاف الأحزاب القوميَّة واليساريَّة
عمَّان 28 تشرين الثَّاني 2023